مقالات

علم الفقه

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على الرسول الأمين ، القائل من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين.

وبعد

فإن الفقه هو الحياة، والحياة هي الفقه ؛لأن الفقه هو تطبيق لأحكام الشرع الشريف في واقع الناس وحياتهم ، فلما كانت النصوص متناهية والوقائع غير متناهية، كان حتمًا على العلماء أن يضعوا قواعد وضوابط استنبطوها من مجموع النصوص ، ليضبطوا بها هذه الوقائع الغير متناهية.

وتمثلت هذه القواعد والضوابط في مذاهب الصحابة والتابعين حتى استقرت في مذاهب الأئمة الأربعة التي تلقتها الأمة بالقبول والرضا،

روى البيهقي في المدخل بسنده عن ابن عباس –رضي الله تعالى عنهماقال : قال رسول الله –صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم-“مهما أوتيتم به من كتاب الله فالعمل به، لا عذر لأحد في تركه، فإن لم يكن في كتاب الله، فسنة مني ماضية، فإن لم تكن سنة مني ،فما قال أصحابي، إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء فأيما أخذتم اهتديتم واختلاف أصحابي لكم رحمة1

وقد كتب الله عز وجللها البقاء ، وهيأ لها رجال تقوم على تحرير هذه المذاهب المتبوعة وتنقيحها وتخريج المسائل الحديثة والوقائع المعاصرة على أصول هذه المذاهب الأربعة المتبوعة .

ولما كانت الأحكام الفقهية مجموعة في هذه المذاهب الأربعة ؛ بحيث لو فكر إنسان توافرت فيه آلات الاجتهاد في إنشاء مذهب جديد ، لكان مذهبه الجديد هذا موافقًا أحد هذه المذاهب الأربعة، فإن الاجتهاد المنضبط لا يخرج عن هذه المذاهب الأربعة المتبوعة لاستيعابها القسمة العقلية في الاحتمالات الصحيحة المتاحة في معرفة الأحكام الشرعية، وهو ما وقع لعدد من العلماء: كالسبكي ،والسيوطي ، وابن دقيق العيد، والكمال ابن الهمام ،وغيره من العلماء الذين اجتهدوا فوافقوا أحد هذه المذاهب الأربعة .

 

ومن يتبحر في دراسة الفقه على هذه المذاهب الأربعة المتبوعة يستطيع أن يدرك مدى الدقة والأمانة والضبط الذي فعله العلماء في هذه المذاهب ،سواء في فهم القرآن الكريم والحديث الشريف، وطرق استنباط الأحكام من أدلتها في حدود ضوابط الشرع الشريف التي حفظ الله عز وجلبها الدين ، وصدق الله عز وجلإذ يقول :- ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ‌ٱلذِّ كۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ ۝٩ ﴾ [الحجر: 9]


المراجع :-

1-المدخل إلى كتاب السنن صـ13 ،وأورده الخطيب في الكفاية في علم الرواية، وابن عبدالبر في جامع بيان العلم (2/111،110

ولم يخلوا إسناد أحد منها من طعن وضعف اللهم إلا أن تشبيه الصحابة بالنجوم ثابت فيما أخرجه مسلم (16/83)، وقال البيهقي فيما نقل عنه ابن حجر في التلخيص(4/191) : والذي رويناه (حديث مسلم) ها هنا يؤدي بعض معناه (أي معنى حديث الضحاك عن ابن عباس) ثم عقبه ابن حجر بقوله : قلت صدق البيهقي ،وهو يؤدي صحه التشبيه بالنجوم خاصة، أما في الاقتداء فلا يظهر في حديث أبي موسى ، نعم يمكن ان يتلمح ذلك من معنى الاهتداء بالنجوم ، وظاهر الحديث إنما هو إشارة إلى الفتن الحادثة بعد انقراض عصر الصحابة من طمس السنن وظهور البدع وفشوالفجور في أقطارالأرض” (التلخيص الحبير 4/191) ،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى